جامعة وادي الشاطئ تنظم ندوة وطنية حول العدالة وحقوق الإنسان والتنمية في ليبيا
السبت 5 أبريل 2025
في إطار رؤيتها الرامية إلى دمج المعرفة الأكاديمية بالاحتياجات التنموية الوطنية، نظّمت جامعة وادي الشاطئ صباح اليوم ندوة وطنية موسومة “حقوق الإنسان والتنمية في ليبيا: العدالة كمدخل لتحقيق الاستقرار والتوازن المجتمعي”، بالشراكة مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وسط حضور نوعي جمع بين الأكاديميين والخبراء، وصناع القرار المحلي، وممثلي المؤسسات الرسمية والبلديات والقطاعات المجتمعية.
افتُتحت أعمال الندوة بكلمات رسمية من رئاسة الجامعة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان واللجنة التحضيرية، عبّرت عن رؤية مشتركة تضع المعرفة في خدمة الاستقرار المجتمعي وبناء مؤسسات فعالة.
وتقديرًا لحضور عدد من الضيوف والمشاركين القادمين من خارج المنطقة الجنوبية، تلت الكلمات الافتتاحية مداخلة تعريفية قدّمها الأستاذ الدكتور ناصر منصور أبوهـمود، المنسق العام للندوة، قدّم خلالها نبذة موجزة عن جامعة وادي الشاطئ، تناول فيها تاريخ تأسيسها، والملامح المؤسسية التي تميزها، والبرامج الأكاديمية التي أطلقتها، لا سيما خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وقد سلّط الضوء على ما تحقق من خطوات نوعية على صعيد فتح البرامج العليا، واستحداث أقسام جديدة متخصصة وتفعيل الشراكات المجتمعية والعلمية، مؤكدًا أن الجامعة تمثل اليوم ركيزة علمية وتنموية فاعلة في المنطقة الجنوبية، ومنصة وطنية للحوار والمعرفة الهادفة.
بعد ذلك، انطلقت الجلسات العلمية التي أدارها الأستاذ بشر محمد الأصفر، وكيل الشؤون العلمية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والأستاذ الدكتور محمد عبدالله الشريف، مدير مكتب الجودة وضمان الأداء بالجامعة، وفق نسق منهجي تكاملي
.
وقد جاءت المداخلات العلمية على النحو التالي:
المحاضرة الافتتاحية: قدّمها الدكتور الشيباني أبوهـمود، عضو هيئة التدريس بكلية القانون وسفير ليبيا السابق بفرنسا، والتي تناول فيها المفارقة بين البناء المؤسسي والتنمية في السياقات الانتقالية. المحاضرة مزجت بمهارة بين التحليل القانوني والتجربة الدبلوماسية، واستعرضت نماذج مقارنة من تجارب دولية مماثلة، مما منحها بعدًا مقارنًا ثريًا وقيمة تحليلية عالية. وقد أشاد الحضور بأسلوب الدكتور أبوهـمود، الذي وُصف بأنه مشوّق وعميق، يتسم بالربط المنهجي بين النظرية والتجربة التاريخية.
المحاضرة الاقتصادية: قدّمتها الدكتورة هويدا الميع، والتي سلطت الضوء على إشكالية الاقتصاد الريعي وآثاره المعيقة للعدالة التنموية، لا سيما في المناطق المهمشة. وقد تميزت مداخلتها بالوضوح المنهجي والقدرة على تبسيط المفاهيم الاقتصادية المعقدة، مع تقديم رؤى عملية متوازنة لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. لاقت المحاضرة اهتمامًا واسعًا لما قدّمته من حلول دقيقة، قابلة للتكييف مع خصوصيات الجنوب الليبي.
المحاضرة الاجتماعية: ألقاها الأستاذ عقيلة محجوب نيابة عن الدكتورة ناجية العطراق التي تعذّر حضورها لظرف طارئ. وقد تميزت هذه المداخلة بجرأة الطرح وتماسه مع الواقع المعيشي للفئات الهشة، حيث ناقشت ظواهر التفاوت المجتمعي والتهميش، وقدّمت رؤية حقوقية متقدمة لتمكين الشباب، ومعالجة آثار النزوح. وقد نالت المداخلة استحسانًا خاصًا لتوازنها بين التحليل الحقوقي والرؤية المجتمعية الشاملة.
المحاضرة البيئية: قدّمها الدكتور إبراهيم محمد الشريف، عميد كلية البيئة والموارد الطبيعية، الذي استعرض بتأنٍ مفهوم العدالة البيئية في السياق الليبي، مع التركيز على التحديات البيئية في المناطق الجافة وشبه الجافة. وقد تميزت المحاضرة بالرؤية الاستشرافية والعرض العلمي المنظم، حيث ناقشت المخاطر البيئية الكبرى مثل التصحر وتناقص الموارد المائية، وقدّمت نماذج لإدارة مستدامة قائمة على التوازن البيئي والعدالة المناخية.
وقد خُصصت حلقات نقاش مفتوحة جمعت بين المحاضرين والحضور، بما فيهم ممثلو البلديات والمؤسسات التنفيذية، في تفاعل حيوي ساعد على إغناء النقاش وترسيخ الوعي بضرورة التنسيق بين الجهود الأكاديمية والمجتمعية.
إن جامعة وادي الشاطئ، من خلال تنظيم هذه الندوة، تجدد التزامها الجاد بأن تكون مؤسسة فكرية نقدية ومنفتحة، تعيد تشكيل الخطاب التنموي الوطني على أسس حقوقية وإنسانية، وتسهم في بناء مستقبل ليبي متوازن، لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بكرامة الإنسان وفاعليته في صناعة التحول.